هذه ليست شعوب الشابي

كتب : مخلص عبدالله بلحمر

حينما قال أبو القاسم الشابي :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة ..
فإنه وبكل تأكيد قصد الشعوب الحية النابضة بالعزة والكرامة ، تلك الشعوب التي ترفض التبعية المذلة ، والحياة المهينة . وبكل تأكيد فهو لم يقصد ولم يعني الشعوب مسبقة الدفع وإن تقاطرت بالمئات أو الآلاف .

وهو صدق فيما قال ، وكان دقيقاً لأبعد صورة حينما وجّه خطابه إلى الشعوب في قوله " إذا الشعب " ، لم يقل إذا الحكومة ، ولم يقل إذا الزعيم أو القائد ، بل عرف يقيناً أن المحرك الرئيسي هو عامة الناس بمختلف طبقاتهم ومكوناتهم وطوائفهم .

إن الأحرار الحضارم يهيبون بالشرفاء من أبناء الشعب الحضرمي العظيم ، وأينما وُجدوا ، أن يدركوا بأن لا خلاص من مآسيهم ومعاناتهم إلا بالإستقلال عن مستنقعات الخراب والدمار والفساد وتجار الدم وجيوش النهب والفيد القابعين في صنعاء وعدن .
وطالما أن التجارب خير برهان ، فإن حضرموت والحضارم قد مروا بتجربتين - إن صحت التسمية - لازالت آثارهما حتى يومنا هذا ماثلة لكل من يُبصر بعين الحق والإنصاف لا بعين الهوى والتغافل . والحقيقة أنهما وحلتين أو نكبتين حلّتا بحضرموت وأهلها ، إبتداءً من النكبة والوحلة الأولى العام 1976م ومروراُ بالنكبة والوحلة الثانية العام 1990م ، ولازالت المعاناة مستمرة حتى يومنا هذا في جميع شؤون الحياة اليومية .
وعلى ذكر التجارب ، فإن تجربة الزحف والهرولة نحو جلادوكم شمالاً وجنوباً ، لم تضف لكم إلا الخزي والعار وقلة المقدار . وذلك لأن جلادوكم هنا أو هناك لا يروا فيكم إلا تكملة عدد أو فرقة فنية تطفي نوع من التسلية واللهو على الحاضرين . ولكم في آخر زحف خير دليل وبرهان أيها المصفقين والمطبلين إن كنتم تبصرون يامن ترخصون أنفسكم وبلادكم مقابل ثمن بخس .

أيها الشعب الحضرمي الحُر ..
لقد أدرك أبي القاسم الشابي أن الشعوب الحرة هي وحدها من تسعى نحو حريتها وخلاصها من قيود العبودية - لغير الله - وأغلال تبعية القطيع ، وأن الشعوب السائرة في طريق الحق هي من تصنع قائدها حين تُسلسل شياطينها ، وتتخلى هي عن أوثانها ، فهل نحن الحضارم من الشعوب التي قصدها الشابي ؟؟؟

أفيقوا يا معشر الحضارم ، فإن مجالسكم كلها حكايات عن مآسي وويلات نكبتي 1967م و 1990م ، فهل من الحكمة ورجاحة العقل أن تُحصروا خلاصكم بالإصطفاف والبقاء مع أحد الفريقين ؟! أم أن السلامة والغنيمة في البُعد عنهم جميعاً ؟!.
اليوم لم يعد مقبولاً الإرتهان لجلاد سابق ، كما لم يعد مقبولاً الرهان على الحصان الذي تبين لنا مرضه وعدم مقدرته على المُضي بنا نحو أُفق أعلى .