موقعة المدحر

موقعة المدحر

موقعة المدحر كانت ثورة حقيقية ضد النظام الحاكم في المكلا ، وقد أفشل نجاحها اختلاف الزعامات ، وضعف الدعم فيما يبدو ، وكان لوتوفر لها عنصرا الاتفاق والدعم المادي القوي لقضت على أحلام الجبهة القومية ، حدث ذلك مابين عامي61-62 من القرن الماضي ، وكان المحرك لها فيما يبدو الشيخ حمد سعيد بقشان وبعض تجار الحضارم المقيمين في السعودية ، وربما كانت أيضا السعودية من وراء ذلك والدليل خروج بقشان الى المنطقة قبل حدوثها بأشهر ، وكان الاعتماد في إشعالها على قبائل سيبان فقط ، إلا أن خلافا على الزعامة نشب بين المقدم سعيد باسالم بانهيم مقدم المراشدة ، وسعيد باحسين السومحي مقدم السموح ، ثم حدث خلاف آخر بين المقدم بانهيم ، ومقدم الخامعة سالم مليل باسلوم الذي قاد العملية في المدحر وقتل أثناءها..
ويبدو أن كلا من المقدم باحسين وبانهيم كانا يتخوفان من القصف الجوي أضف الى ذلك العسر فالجيد من الرجال يمتلك مسبتا من الرصاص ولم يتضح الدعم أو كيفية وصوله إليهم ، فكيف يحاربون دولة من وراءها بريطانيا بقوة هائلة بهذه الإمكانات البسيطة بل تكاد أن تكون معدومة. إلا أنه فيما يبدو كان مقدم الخامعة على علم بما لوح به بقشان من دعم وكان رجلا مقداما ، وربما خرجت عليه كلمة شرف وعد بها بقشان ففجر الموقف ، وكانت قد حدثت مشادة بينه وبين خاله بانهيم ، فقال له: (جلس أنت لاراعي ضان ) ، فرد عليه بانهيم: (ياسالم شف من شعق بصبعه بيرقع براحته ) وخرج مليل غاضبا ، وحدث بعد ذلك قطع طرق ومنوشات ، مما جعل الحكومة تجهز حملة عسكرية وتدفع بها نحو غيل الحالكة لتأديب من اعتبرتهم متمردين ، بعد أن تخلت عنهم أكبر قبيلتين في سيبان المرشدي والسومحي..
فكمن مليل ومجموعة من الشباب للقوة في مكان ضيق يسمى المدحر في الطريق المؤدي الى غيل الحالكة ، وكان عددهم مابين 15- 20 رجلا ، ودارت المعركة بين الطرفين من الصباح الباكر واستحر القتل في الجيش حيث قتل ستة عشر جنديا وجرح آخرون ، كما قتل قائد المجموعة المقدم سالم مليل ولم يصب أحد من المجموعة الذين انسحبوا بعد مغيب الشمس ..
وحدث ماكان يتخوف منه المقدم باحسين السومحي والمقدم با نهيم المرشدي ، فقد شن سلاح الجو البريطاني غارات هيستيرية على غيل الحالكة وشرج حاح (شمال شرق مستشفى بقشان راس خيلة) وبالصدفة كنت في روس وادي عقرون وشاهدت الغبار وسمعت صوت الانفجارات ، كماشاهدت الطائرة القاذفة كانت تطير على انخفاض وكانت تمر من فوقي..
وقد قصفت الطائرات أغنام القوم وإبلهم ، كما قصفت الربحان مابين واديي بلي ومراة ظنا منها أنهاأغنام ، وأرسلت الحكومة تحذيرات لبقية القبائل من إيوائهم أو مساعدتهم وعزلوهم ثم أرسلوا حملات عسكرية راجلة تحمل عتادها على ظهور الإبل والحمير في الأودية والجبال التي يتحصنون فيها ، ولما اشتد الحصار عليهم استسلموا..
وأخذ مقادمة القبائل التي شاركت وهم: الخمعي والحلكي والحيقي وربما كان معهم العصرني والشعملي ،وسجنوا في سجن المكلا ودون محاكمة أصدر مجلس الدولة السلطاني حكما عليهم بالإعدام ، وتوسط لدى المجلس بعض المقادمة من نوح و سيبان للعفو عنهم ، وخفف الحكم الى السجن سنة أو سنتين لا أتذكر..
وقد شنت صحف المكلا آنذاك حملة على الشيخ بقشان وبعض تجار الحضارم المقيمين بالسعودية واتهمتهم بالتآمر ، وأنهم وراء هذه العملية...

Admin عدد المساهمات : 140 تاريخ التسجيل : 09/12/2016